أخبار الامارات

سلطان القاسمي يشهد احتفالية “مئوية مكتبات الشارقة”

 

7 3

الشارقة – عمر الجروان

شهد صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، مساء اليوم الأربعاء في حصن الشارقة، احتفالية “مئوية مكتبات الشارقة” التي تأتي تخليداً لمرور مئة عام على تأسيسها على يد الشيخ سلطان بن صقر بن خالد القاسمي تحت شعار “100 عام من الحكايات”.

1412 2

وألقى صاحب السمو حاكم الشارقة كلمة عبر فيها عن سعادته في هذا اليوم الذي عاد بمخيلته إلى عشرات السنين، مستذكراً سموه الصفات التي كان يتحلى بها صاحب المكتبة الشيخ سلطان بن صقر القاسمي، الشخصية الفذة كإنسان قبل أن يكون حاكماً، والذي شاهده وتلمس أياديه الكريمة وعاش معه، ليست سنين عديدة بل أواخر عمره.

1315

وتطرق سموه إلى صفات الشيخ سلطان بن صقر القاسمي واصفاً سموه إياه بالرجل المتواضع الكريم العطوف، سارداً سموه إحدى القصص التي شهدها معه، عندما أتى رجل يحمل لحماً متعفناً قد اشتراه من السوق ويشتكي من المياه المخلوطة بالدماء فيه، ورماه حتى اتسخت ثياب الشيخ سلطان بن صقر بالدم، فأمر الحرس بعدم معاقبته ورد إليه ماله ونصحه بالتنبه في المرة المقبلة عند شرائه اللحم، ثم نزل إلى بيته ورجِع ليجلس في مكانه وقد غير ملابسه وتطيب بالعطر.

11 12 21

وأشار صاحب السمو حاكم الشارقة إلى قمة تواضع الشيخ سلطان بن صقر القاسمي وحكمته، مستذكراً حادثةً كان فيهاجالساً في المكتبة وكان والده الشيخ محمد بن صقر القاسمي سيتخذ إجراءً خطيراً وقتها، فقام الشيخ سلطان بن صقر بتهدأته قائلاً // لا يا محمد لا يجوز مهما كان هؤلاء أهلك مهما كان //، مؤكداً سموه بأن هذه الكلمات والتصرفات لابد أن يكون لها مكانة في ذاكرته وتصرفاته.

1710 2

وتناول سموه شخصية الشيخ سلطان بن صقر القاسمي المثقف القارئ النهم، الذي تتميز قصائده النبطية بالتقويم النحوي ولا يوجد بها أخطاء لغوية، مشيراً سموه بأنه من ورث مكتبته، التي تُعد نواة مكتبات الشارقة، موضحاً سموه أنه تم نقلها مرات عديدة حتى استقرت في وقتنا الحالي بميدان الثقافة، مؤكداً سموه بأن تأثير هذه المكتبة وصل لكل بيت في الشارقة من خلال مبادرة “مكتبة في كل بيت”، فأصبحت أعداد المكتبات بالآلاف، ولا يوجد بيت في الشارقة إلا به مكتبة.

وأوضح صاحب السمو حاكم الشارقة بأن الشيخ سلطان بن صقر القاسمي يمتلك مكتبة مرتبطة بمسكن نومه، مشيراً سموه بأنه يمتلك مكتبة مرتبطةً بمسكن النوم أيضاً، متسائلاً سموه هل هي صدفة أم تقليد حسن، كما وصف سموه الكتب بالرفقاء الذي يقضي الإنسان معهم وقتاً جميلاً، فمرات تجعل الشخص يبتسم ومرات يضحك ومرات يزعل، وهي حياة هذه الأمة التي أوضح سموه بأنها ابتليت بمسألة البعد عن العلم وقبلها الإيمان، بالانشغال بأمور الدنيا وصغائرها.

وأشار سموه إلى أن هذه المكتبة التي يحتفى بها اليوم هي الأساس والبداية، موجهاً سموه شكره لكل من حافظ على هذه المكتبة، ومترحماً على مؤسسها ومن عمل عليها، موصياً سموه الجميع الإرتقاء بالعلم والمعرفة، وأن يصل الأبناء والبنات لما وصلوا إليه الأجداد الأوائل الذين كانوا يمضون أوقاتاً جميلةً في طلب العلم.

وسرد صاحب السمو حاكم الشارقة قصة الشيخ غانم بن سالم الشامسي – رحمه الله، ورحلته في طلب العلم، والتي بدأت من مكة المكرمة وانتقاله مع الحُجاج إلى الشام ثم للعراق رفقة العلماء الذي تعلم على أيديهم وتكبد عناء السفر، مخاطباً سموه الجيل الحالي قائلاً لهم // العلوم بين أيديكم والمكتبات بهذه الأجهزة، اطلبوا وتعلموا وتثقفوا، وقال الله تعالى ((هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون)) //.

واختتم سموه كلمته موجهاً شكره لكل من شارك في إحياء هذا الحدث الكبير، متمنياً سموه المحافظة الإنتماء الثقافي والمعرفي والمساهمة في تطويره بشكل شامل لتكون المكتبات منارات في العلم والمعرفة.

بدأت مجريات الاحتفال بوصول موكب صاحب السمو حاكم الشارقة إلى منطقة قلب الشارقة حيث استقبلته عروض الفرق الشعبية التي احتفت بقدوم سموه وحيته بالأهازيج الشعبية التقليدية، كما رافقت موكب سموه مجموعة من الخيالة.

وكان في استقبال سموه لدى وصوله سمو الشيخ سلطان بن محمد بن سلطان القاسمي ولي العهد نائب حاكم الشارقة، وسمو الشيخ سلطان بن أحمد بن سلطان القاسمي نائب حاكم الشارقة، والشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، رئيسة مجلس إدارة هيئة الشارقة للكتاب، والشيخة حور بنت سلطان القاسمي رئيسة مؤسسة الشارقة للفنون، والشيخ محمد بن سعود القاسمي رئيس دائرة المالية المركزية، والشيخ خالد بن عبدالله القاسمي رئيس هيئة الشارقة للموانئ والجمارك والمناطق الحرة، والشيخ عبدالرحمن بن سالم القاسمي.

كما كان في استقبال سموه الشيخ سالم بن عبدالرحمن القاسمي رئيس مكتب سمو الحاكم، والشيخ خالد بن عصام القاسمي رئيس دائرة الطيران المدني، والشيخ محمد بن حميد القاسمي رئيس دائرة الإحصاء والتنمية المجتمعية، والشيخ ماجد بن سلطان القاسمي رئيس دائرة شؤون الضواحي، والشيخ سعيد بن صقر القاسمي نائب رئيس مكتب سمو الحاكم بمدينة خورفكان، والشيخ هيثم بن صقر القاسمي نائب رئيس مكتب سمو الحاكم بمدينة كلباء، والشيخ سعود بن سلطان بن محمد القاسمي مدير عام دائرة الشارقة الرقمية، والشيخة نوار بنت أحمد القاسمي مدير مؤسسة الشارقة للفنون، والشيخ سلطان بن عبدالله بن سالم القاسمي مدير دائرة الإحصاء والتنمية المجتمعية،وعدداً من كبار المسؤولين والمثقفين والأدباء.

وشاهد صاحب السمو حاكم الشارقة بعد مصافحة مستقبليه عرض الفرقة العسكرية ليتجول بعدها سموه رفقة الحضور في بيت الشيخ سلطان بن صقر القاسمي “البيت الغربي” مطلعاً على المكتبة وغرفة الشيخ سلطان بن صقر القاسمي وما يضمه البيت من مرافق وغرف تمثل اليوم معرضاً مفتوحاً شاهداً على جزء من حياة الشيخ سلطان بن صقر القاسمي والإرث التراثي والثقافي الذي تركه.

وافتتح سموه بعد ذلك “متحف التعليم في الشارقة” في مقر “المدرسة القاسمية”، أول مدرسة نظامية في دولة الإمارات العربية المتحدة والتي يعود تاريخ تأسيسها إلى أوائل الأربعينيات من القرن العشرين، حيث تابع سموه في بداية جولته في المتحف عرضاً لمجموعة من الأطفال بعنوان “موطني” أنشدوا خلالها في حب الوطن العربي وتلاحمه.

وتجول سموه في أروقة “متحف التعليم في الشارقة” مطلعاً على الصفوف التي ضمتها المدرسة القاسمية التي كانت تُدرس الصفوف من الأول إلى الخامس وسبق لسموه الدراسة فيها، كما تضم المدرسة فصلاً مخصصاً للإناث.

وتعرف سموه على محتويات المتحف حيث تضم فصوله مجموعة من المعارض منها نشأة المدرسة القاسمية التي تعود إلى أوائل الأربعينيات من القرن العشرين والتي عُرفت باسم مدرسة الإصلاح القاسمية في ذلك الوقت، وفي العام الدراسي 1950-1951 تم تغيير إسمها إلى مدرسة القاسمية نسبة إلى أسرة القواسم، ومراحل تطور التعليم في الشارقة بين الأعوام 1951-1956، وتعليم الإناث الذي تطور وتوسع إنطلاقاً من المدرسة القاسمية، وأدوات التعلم من كتب ومناهج دراسية آنذاك، وغرفة التعلم التي تقدم الورش التعليمية.

وفي إسطبلات حصن الشارقة للخيول المجاور للحصن والذي أُعيد تشييده في موقعه الأساسي، قدمت مجموعة من الخيول العربية عرضاً شاهده صاحب السمو حاكم الشارقة والحضور تضمن عدة فقرات استعراضية وعروض جِمال الخيل.

وكانت إسطبلات حصن الشارقة تمثل مركزاً للفروسية، حيث ربّيت الخيول العربية الأصيلة التي جسدت القوة والنبل ولم تكن الإسطبلات مجرد مساحة للرعاية، بل رمزاً للمكانة والتقاليد، ومع مرور الزمن أصبحت جزءاً من ذاكرة المدينة.

وعرج صاحب السمو حاكم الشارقة على ساحة حصن الشارقة مشاهداً سموه العروض الشعبية من مختلف الفرق من دولة الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان، مقدمين لوحة فنية تعكس التراث الفني الغني للمنطقة.

انتقل بعدها سموه إلى حصن الشارقة ليزيح الستار عن اللوحة التذكارية لمئوية مكتبة سلطان بن صقر القاسمي، إيذاناً بإنطلاق إحتفالات المئوية على مدار عام كامل، كما دشّن سموه مكتبة سلطان بن صقر القاسمي في الطابق الأرضي من حصن الشارقة.

وتجول صاحب السمو حاكم الشارقة في أرجاء حصن الشارقة، مطلعاً سموه على مقتنيات الشيخ سلطان بن صقر القاسمي والزي الرسمي له ومجموعة من صوره، إضافة إلى المعروضات التاريخية التي توثِّق تاريخ الحصن ودوره في مسيرة الإمارة، وتابع صاحب السمو حاكم الشارقة عرضاً مرئياً لفيلم قصير حول وصول طائرة “هانو” إلى الشارقة في عام 1932، وهو فيلم وثائقي من إنتاج عام 1937 للخطوط الجوية الإمبراطورية في تلك الفترة، يسلط الضوء على يوم في مطار الشارقة، ويوثّق وصول أول طائرة إلى أرض مطار الشارقة في الخامس من أكتوبر عام 1932.

وتابع سموه عرضاً مسرحياً بعنوان “الخنجر المرهون” قدمه مجموعة من طلبة الجامعة الأميركية في الشارقة، والذي يستحضر قصة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، في مرحلة صباه، والتي وثقها سموه في رواية “الخنجر المرهون” حيث سردت المسرحية قصة سموه مع الكتاب بدءاً من مكتبة عمه الشيخ سلطان بن صقر القاسمي وتعلقه بمحتوياتها والقراءة، ليزيد تعلقه وحبه للكتاب مما جعله يرهن خنجره الذهبي لاستعارة المال واقتناء الكتب لتأسيس مكتبته الخاصة.

ويأتي تنظيم مكتبات الشارقة لاحتفالية “مئوية مكتبات الشارقة”، بالتعاون مع عدد من الجهات والمؤسسات في إمارة الشارقة، وهي هيئة تنفيذ المبادرات “مبادرة”، ومعهد الشارقة للتراث، وهيئة

الشارقة للمتاحف، والجامعة الأميركية في الشارقة، وهيئة الشارقة للإذاعة والتلفزيون، ونادي الشارقة للفروسية والسباق، وهيئة الشارقة للتعليم الخاص، والقيادة العامة لشرطة الشارقة.

واحتفاءً بمرور مئة عام على تأسيسها، أعدّت “مكتبات الشارقة” برنامجاً حافلاً بالفعاليات والأنشطة المتنوعة، يستمر طوال عام 2025، بمشاركة أكثر من 13 جهة حكومية، ويشمل البرنامج ندوات، ومعارض تفاعلية، وجلسات “كتّاب تحت الضوء”، وورش عمل تستهدف جميع فئات المجتمع، ضمن أربعة محاور رئيسية: البدايات الأدبية، الذي يسلط الضوء على أسس نهضة الشارقة الثقافية، والحضارة الثقافية، الذي تقام خلاله عدة ورش ثقافية ومعرفية ترتبط بعالم المكتبات العامة.

أما محور آفاق الأدباء والشعراء فيمثل تكريماً لإرث المؤسسين الأوائل الذين شكلوا اللبنة الأولى للمشهد الأدبي والشعري في إمارة الشارقة، إلى جانب محور الاستدامة الثقافية، الذي يسلط الضوء على القيم والممارسات الثقافية التي تميز مجتمع الشارقة.

وقد تأسست مكتبة الشارقة العامة عام 1925 على يد الشيخ سلطان بن صقر القاسمي، حاكم الشارقة آنذاك، تحت اسم “المكتبة القاسمية” في حصن الشارقة. وبعد وفاة المؤسس، انتقلت المكتبة إلى الشيخ صقر بن سلطان القاسمي عام 1951، وبقيت في الحصن حتى عام 1956، حين نقلت إلى مبنى “المضيف” في ساحة الحصن، الذي جمع بين وظائف إدارية ومكتبية. ولاحقاً، في عهد الشيخ خالد بن محمد القاسمي، استمر تطوير المكتبة قبل أن تنتقل إلى صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الذي عمل على تعزيز دورها ومكانتها في مجتمع إمارة الشارقة.

في عام 1980، نُقلت المكتبة إلى الطابق العلوي من قاعة إفريقيا، تحت اسم “مكتبة الشارقة”، ثم انتقلت عام 1987 إلى مبنى المركز الثقافي في الشارقة. وفي عام 1998، تم نقل المكتبة إلى المدينة الجامعية، حيث استمرت في تقديم خدماتها المتطورة. وشهدت المكتبة نقلة نوعية عام 2011 بافتتاح مبناها الحديث في ميدان الثقافة.

وتضم المكتبة اليوم فروعاً في كلباء ودبا الحصن وخورفكان والذيد ووادي الحلو، مزودة بأحدث التقنيات والخدمات التي تلبي احتياجات مختلف فئات المجتمع، وعلى مدار تاريخها، لعبت المكتبة دوراً ريادياً في نشر المعرفة وتعزيز ثقافة القراءة، ما يجعلها أحد المعالم البارزة في مسيرة الشارقة الثقافية والتنموية.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة