منوعات

” التاسوع الكامل ” ملحمة الإنسان والطبيعة وثنائية التضامن والقيم في بناء الهوية والثقافة

إصدار جديد من "مجموعة كلمات"

الشارقة، وفي سياق عناية “مجموعة كلمات” بالأدب الأفريقي ورواده، واحد من أهم الأعمال في الأدب الأفريقي التي أصدرتها كلمات الملحمة الشعرية “التاسوع الكامل… ملحمة جيكويو ومومبي”، للروائي الكيني نغوغي وا ثيونغو، الذي يعد من رواد الأدب الأفريقي، ومؤرخي تاريخ بلده وصراعه مع الاستعمار وتحولاته الاجتماعية بشكل روائي، والحائز على عدة جوائز رفيعة المستوى، منها جائزة لوتس للآداب (1973)، وجائزة ناشيونال أووردز الأمريكية (2012).

تعدّ “التاسوع الكامل”، الواقعة في 196 صفحة من القطع المتوسط، ملحمةً أسطوريّة تمثّل رحلة الشعوب الإفريقية ونضالات البشر مع الطبيعة والعيش، وترسم تطور دائرة الأسرة بدأً بالذّكر والأنثى ثم العائلة، والعائلة الممتدة التي تشكل العشائر الرئيسة، في وحدةٍ وتماسكٍ يبرز أسمى الخصال الإنسانية، وينحتُ مقوّمات البقاء باتحاد العقل والقلب معًا.

تتناول الملحمة إحدى الجماعات التي تشكل قوام الأمة الكينية، إذ لها لغتها وأسطورتها عن جذورها، وتنحدر من رجلٍ وامرأة – جيكويو ومومبي – وجدا نفسيهما فوق جبل كينيا المغطّى بالثلوج، ومن هناك انطلقا في رحلتهما مواجهين اختباراتٍ عدّة، حيث تنكشف في كل اختبارٍ طبقةٌ من طبقات حقيقة وجودهما، وأسرار الطبيعة من حولهما، فنلحظ اهتمامها بتمجيد الرب، وشكره على عطاياه، والدخول في اختباراته بصبر وحكمة وتأملٍ. تنتهي رحلة جيكويو وموبي باتحادهما معًا، ووضع حجر الأساس لمنزلهما في مكانٍ يُدعى موكورو وايني.

حين تبلغ الفتيات سن الزواج، يلتمس والدهنّ جيكويو عطيّةَ الرّب من فوق قمة الجبل، وهكذا، ندخل في تأويل الأسطورة عندما تفيق الأسرة على مجموعةٍ من الشباب القادمين التماسًا للزواج من الفتيات اللاتي ذاع صيتهن

في الأرجاء. وهنا تتجلى الأسطورة في الحاجة إلى اختبارٍ للصمود تشارك فيه الفتيات والشباب معًا فيرسلهما الأبوان في رحلة ملحمية بطولية لانتقاء صفوة الشباب الذين ينجحون في تجاوز عقبات الرحلة واحدًا تلو الآخر، بينما ينسحب آخرون أو يفشلون في التحديات تباعًا.

تنتهي الرحلة بوصول من تبقى من الشباب والفتيات منتصرين، لتبدأ مراسم الخطبة بعدما يوافق الشباب على شروط جيكويو وموبي، فيشهد القارئ على قسم الزواج، والدعوات بالبركة والخصب لكل زوجين، وبناء بيت الزوجية الذي سيشهد انطلاق العشيرة الجديدة.

 

تكتمل الأسطورة بالوصايا الأخيرة التي يلقيها الأبوان على التاسوع الكامل، في دلالة على تسليم الراية واكتمال الرسالة، حيث يعلنان بأنهما سيخرجان في رحلةٍ يعودان فيها إلى الجبل الذي أتيا منه، تاركين وصيّةً للتاسوع الكامل، تؤكد على التعاضد الإنساني، ونبذ الشرّ والبغضاء والحسد والقتل، والتمسك بالتلاحم والوحدة والتعاون. لتكون أسطورة التاسوع الكامل خير دستور للقبيلة الأفريقية، وخير ممثلٍ للإنسانية النقيّة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة