في اليوم الختامي للمهرجان .. 6 شعراء من الإمارات وإفريقيا يتألقون تحت سماء “الشارقة للأدب الإفريقي”
الشارقة، في الليلة الختامية لمهرجان الشارقة للأدب الإفريقي في دورته الأولى، استقطبتْ أمسيةٌ شعرية جمهور المهرجان من عشاق الشعر، عرباً وأفارقةً، حيث احتضنت شعراء من الإمارات وإفريقيا معاً على نفس المنصة، ليحتفوا بالحياة بكلّ ما فيها من جمال وتنوع وفنّ، كلٌّ بلغته وثقافته.
مأساة شعرية جميلة
استهلت الأمسية الشاعرة النيجيرية المشهورة عالمياً ديبورا جونسون بقراءة قصيدة تحمل همّاً إنسانياً عالمياً، سلطتْ فيها الضوء على مأساة الفتيات اللواتي اختفطن في نيجيريا عام 2014، بأسلوب شعري مدهشٍ، يذكرنا بإنسانيتنا المشتركة التي تتجاوز كل الحدود، تقول في نصها المعنون بـ (نحن لا تجرفنا الماء):
المحيط غطاءٌ لصرخات أخوتي المكبوتة،
نعم، هم الذين سقوا الغرب بدمائهم
المتساقطة من السياط… ومن العلب.
لا أستطيع أن أنسى،
ولكن الآن إخوتي يقتلون بعضهم البعض
بسبب اختلاف قبيلتهم، لونهم، دينهم، أو بلدهم؟
أريد إفريقيا أن تتوقف عن التهام نفسها.
عن ضرورة كسر الأنماط
من جانبها قرأت الشاعرة النيجيرية مريم بكر حسن المعروفة في القارة السمراء بـ “ألحان الإسلام” قصيدة بعنوان “اكسر الأنماط القديمة” أطلقتها كصرخة للتغيير والتحرر من القيود المجتمعية القديمة التي تحد من إمكانيات الأفراد، وخصوصا نساء إفريقيا، بأسلوب شعري ملهم ومشحون بالعاطفة، تقول في نصها:
أسألك اليوم، كم يدًا يلزم لهدم هذه الجدران؟
كم صوتاً لصنع أغنية، أو قصيدة، شيء من التغيير يدوم للأبد؟
حان الوقت بالفعل لكسر الأنماط القديمة:
لم آتِ إليكم بالصدفة.
التاريخ عجلة،
وفي كل حينٍ وحين، يُتاح لنا أن ندفعها للأمام.
ما هو السلام إن لم يكن عالما نتشارك فيه القوة،
وترتفع فيه الأصوات بلا خوف؟
احتفاء بالحب الجميل
وبعد قصائد مشحونة بالألم والصرخات الإنسانية العالية، منح الشاعر الإماراتي محمد الحبسي جمهور مهرجان الشارقة للأدب الإفريقي هدنة شعورية بقراءة قصيدة عن مشاعر الحب العميقة والعاطفة المتدفقة التي لا حدود لها، حيث يصور الحبسي شغفه وحبه بأسلوب شعري مليء بالصور الجميلة والعذوبة، إذ يقول:
ذقت كاسك وانحباسك وسط جفن ما يليج
كيف أنسى حب وارسى واعتلا شامخ بناه
لو أعزلوني وأبعدوني وصار محدٍ لي يطيج
تبقى انت طول وقته صوته الشاجي وصداه
التفاصيل اليومية حين تتحول شعراً
وبصوتٍ رخيم يمسّ شغاف القلب، ويرشق فيه سهامه الجميلة مباشرةً، قرأت الشاعرة النيجيرية وانا أودوبانغ نصاً مدهشاً تحتفي فيه بمطبخ أمها، حيث تتحول التفاصيل اليومية البسيطة في يديها للغة شعر مدهشة، تقول في نصها بعنوان (الحساء الأبيض):
علمتني أمي أن الطبخ مثل الحب غريزة
لا يحتاج إلى قياس.
وعندما كان الطعام يُصبح جاهزاً
كنا نفتح أزرار ملابسنا،
نرفع أكمامنا،
نغسل أيدينا ونغمس أصابعنا فيه.
ومن مطبخ أمي تعلمت أن الحب طعام لا ينفد.
صرخةُ “أجايي” العذبة
من جانبه قرأ الشاعر النيجيري دامي أجايي نصاً يشهره كسيفٍ في وجه الظلم، واللا يقين، والهوية البشرية المقهورة، من قبل ذوي القوة والنفوذ، مستلهماً نصه من مأساة جورج فلويد الأمريكي التي تجسد الظلم العرقي، يقول أجايي:
هنا، لا شيء مضمون.
لم تعد تلك الخياطة الرفيعة والزخارف الدقيقة
تعد بأي دفء في الهواء المنفيّ
المستقبل أخضر ومأساوي،
مستلقٍ على الإسفلت جلدٌ يُداس من قبل اللامبالين بالخوف.
لا شيء مضمون، حتى الإمساك بالأمل.
العبدان يجعل ختامها مسكْ
في ختام الأمسية الشعرية، شارك الشاعر الإماراتي علي العبدان مع الجمهور العربي والإفريقي نصاً غزلياً حمل عبق العشق وجمال الكلمات، نابضاً بحساسية مرهفة وصور شعرية عذبة، كأنها لوحة شعرية مفعمة بالمشاعر، يتردد صداها بين الحلم والواقع، يقول فيه:
الهوى ما تحكيه عيناكِ
فكيف لو أنطق الجوى فاكِ
كتبت في العشق كل رائعة
وكنت أعني بذاك إياكِ
مازلتِ في الروح حلمها أبداً
لا أُوِّل الحلمُ إن تعداكِ
ما العطر إن لم ينشر ملاطفةً
كنفحة حسنى من عطاياكِ