ماذا يعني تضييق مصر لـ”الفجوة الدولارية؟
عجز الميزان التجاري وصل 40 مليار دولار في العام المالي الماضي
في إطار مساعي الحكومة المصرية للتصدي للأزمة الاقتصادية وتحسين الوضع المالي، تحدث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن أهمية العمل على “تضييق الفجوة الدولارية”، بل ووضع هدف لتصفيرها في المستقبل القريب. فماذا تعني هذه الفجوة وكيف تعمل مصر على إغلاقها؟
الفجوة الدولارية هي الفارق بين الإيرادات والنفقات بالدولار الأميركي، حيث تسعى مصر لزيادة إيراداتها الدولارية لتغطية مصروفاتها بنفس العملة.وعلى الرغم من أن مصر تحقق بعض الإيرادات من مصادر متنوعة، إلا أن الفجوة لا تزال كبيرة. فعلى سبيل المثال، في العام المالي الماضي، بلغ إجمالي واردات مصر السلعية غير البترولية نحو 59 مليار دولار، بالإضافة إلى واردات بترولية بنحو 13 مليار دولار. في المقابل، بلغت الصادرات السلعية حوالي 32 مليار دولار فقط، وهو ما يوضح حجم العجز في الميزان التجاري.
إجراءات الحكومة لتضييق الفجوة
اتخذت الحكومة المصرية عدة خطوات لتحسين وضعها المالي، أبرزها تحسين بيئة الأعمال وتقديم تسهيلات للقطاع الخاص لزيادة الإنتاج والصادرات، وهي خطوة تهدف إلى تحقيق مزيد من الإيرادات بالدولار. كما تم التركيز على تعزيز بعض المصادر الدولارية الأخرى، مثل السياحة، قناة السويس، الاستثمار الأجنبي المباشر، وتحويلات المصريين في الخارج.
وتستهدف الحكومة الوصول إلى إيرادات دولارية تصل إلى 190 مليار دولار بحلول عام 2026، مقارنة بـ 120 مليار دولار في العام المالي 2023/2024. وقد ساهمت صفقة رأس الحكمة بقيمة 35 مليار دولار في رفع هذه الإيرادات بشكل ملحوظ.
التحديات والعجز في الميزان التجاري
على الرغم من الإجراءات التي تتخذها الحكومة، فإن التحديات الاقتصادية ما تزال قائمة. لم تعلن الحكومة عن قيمة الفجوة الدولارية بشكل صريح، لكن من خلال تحليل الميزان التجاري، يمكن تقدير العجز في الحساب الجاري.
في العام المالي الماضي، بلغ العجز نحو 21 مليار دولار، نتيجة لتوسع العجز في الميزان التجاري بنسبة 27%، بسبب تراجع الصادرات البترولية وزيادة الواردات. كما تأثرت إيرادات قناة السويس بتراجع بنسبة 24%.
الطموحات المستقبلية والتوقعات
تسعى مصر لتحقيق صادرات سلعية تبلغ نحو 88 مليار دولار بحلول عام 2026، وهو ما يمثل ضعف الصادرات المحققة في عام 2024، التي بلغت حوالي 40 مليار دولار. إذا تمكّنت مصر من تحقيق هذا الهدف، فإن ذلك سيشكل خطوة كبيرة نحو تقليص الفجوة الدولارية.
ومع ذلك، تشير بعض المؤسسات الدولية مثل “غولدمان ساكس” إلى أن الإصلاحات الهيكلية التي أجرتها الحكومة لم تلبِ الطموحات بعد، خاصة فيما يتعلق بتقليص تدخل الدولة في الاقتصاد وخلق بيئة تنافسية عادلة مع القطاع الخاص.
ويعتبر إغلاق الفجوة الدولارية هدف كبير يتطلب العديد من الإصلاحات الهيكلية والاقتصادية العميقة، بالإضافة إلى تعزيز الصادرات والاعتماد على مصادر أخرى للإيرادات الدولارية.
وبالرغم من التحديات التي تواجه الاقتصاد المصري، فإن استراتيجيات الحكومة ومصادر الإيرادات المتنوعة قد تقربها من تحقيق هذا الهدف على المدى الطويل.
وسيظل النجاح في تقليص الفجوة الدولارية مرتبطًا بالتوازن بين تعزيز النمو الاقتصادي وتنفيذ الإصلاحات المطلوبة.