فنانون سعوديون: النقوش التقليدية هوية تراثية تتحول إلى منتجات حديثة
السعودية / تُبرز النقوش التقليدية في السعودية كجزء من التراث الثقافي الوطني، حيث تسعى جهود فنية محلية لتحويل هذه النقوش من أشكالها القديمة على الجدران والبيوت إلى منتجات حديثة.
وقالت سارة آل عصفور، أستاذة متعاونة في قسم التصميم الجرافيكي بجامعة الأميرة نورة، ولديها خبرة في مجال النقوش التراثية لـ ” العربية.نت”: هذا التحول يسهم في الحفاظ على التراث من الاندثار، خصوصًا أن النقوش المصنوعة من الجص معرضة للتلف بفعل العوامل البيئية مثل الرياح القوية والظروف المناخية.
وأضافت آل عصفور أن توثيق النقوش وتحويلها إلى أشكال رقمية أو منتجات ملموسة هو الضمان لاستمراريتها، حيث يساعد ذلك على مواجهة صعوبة الحفاظ عليها يدويًا. وأشارت إلى أن دمج الحرفة اليدوية بالإلكترونية يتيح تحويل هذه النقوش إلى تراث مادي ملموس ويحافظ عليها.
الزخارف الجصية
من جانبها، وصفت الفنانة زهراء القحطاني النقوش التقليدية بأنها تعكس هوية كل منطقة من مناطق السعودية، مشيرة إلى أن الزخارف الجصية في الأحساء، الأبواب النجدية، النقوش العسيرية في الجنوب، والسدو من الشمال تمثل تنوعًا ثقافيًا فريدًا. وأضافت: “يمكن توظيف هذه النقوش في الفنون المعاصرة، سواء كتحف فنية، كهدايا تذكارية، أو تكبيرها لتزيين الأماكن العامة والميادين”.
أما محمد النجيّم، نحات ومصمم في مجال الخشب، فأكد أن النقوش التقليدية والزخارف النجدية كانت مصدر إلهام مستمر له خلال مسيرته التي امتدت لعشر سنوات. وقال: “أعمل صباحًا كمعلم، وفي المساء كنحات ومصمم، وأجد في هذا المزج بين التعليم والفن مصدرًا لتطوير إبداعي الفني”.
الجمال التقليدي
وأوضح النجيّم أنه يعمل على تقنيات تقليدية مثل “الرسم”، التي تشمل تطعيم النحاس والمعادن بالأخشاب، مما يتيح إنتاج أعمال تحمل هوية ثقافية واضحة وتجمع بين الجمال التقليدي والطابع العصري.
وأشار إلى النمو السريع في قطاع الحرف اليدوية بالمملكة، موضحًا أن المنافسة بين الحرفيين أصبحت أكثر قوة، ما يعزز من جودة العمل ويزيد من انتشاره. وقال: “هذا التطور يوفر فرصًا كبيرة لتطوير الإنتاجية والإبداع، مع تزايد أعداد الحرفيين في المملكة”.
وختم النجيّم حديثه قائلاً: “الإبداع لا يقتصر فقط على تنفيذ الأفكار، بل يتمثل في تقديم عمل يحمل بصمة شخصية تعكس روح الحرفي والفنان”.
هاكاثون الحِرف
إلى ذلك، أعلنت وزارة الثقافة مع بداية العام الميلادية عن إطلاق “هاكاثون الحِرف”، الذي يهدف إلى جمع المبدعين والمبتكرين من مختلف التخصصات لتقديم حلول مبتكرة في مجالات متنوعة متعلقة بالحِرف اليدوية، مثل التسويق، التصميم، والإنتاج.
كما دشنت الوزارة مبادرة عام الحرف اليدوية، تضمنت وصفًا للمبادرة وأهدافها، إلى جانب دليل للهوية البصرية وإرشادات ومبادئ توجيهية لاستخدام الشعار والهوية الخاصة بالعام.
وفي إطار الجهود الرامية لدعم الحِرف اليدوية، أطلق المعهد الملكي للفنون التقليدية “ورث” مبادرة “مجتمع ورث”، التي تهدف إلى إحياء الحرف اليدوية وتطويرها من خلال دمجها بالتصميم والتقنيات الحديثة. تسعى المبادرة التي ضمت أكثر من 60 مشاركًا إلى تعزيز التعاون بين المؤسسات والمجتمع المحلي، مسلطةً الضوء على أهمية الفنون التقليدية في تعزيز الهوية الثقافية، وتمكين الأفراد من استخدام هذه الفنون في مجالات الابتكار من خلال لقاءات وورش عمل متخصصة.
يذكر أن مجلس الوزراء السعودي في سبتمبر الماضي أعلن عن تسمية عام 2025 ليكون “عام الحرف اليدوية”، في خطوة تهدف إلى تعزيز الحرف اليدوية كجزء أصيل من التراث الثقافي السعودي. ويأتي هذا التوجه للاحتفاء بالمشغولات اليدوية الفريدة التي تحمل بصمة الإبداع السعودي، وإبراز مهارات الحرفيين المحليين أمام المجتمع الدولي، إلى جانب تسليط الضوء على دور هذه الصناعات في التعبير عن الهوية الوطنية وترسيخ قيمها الثقافية.
المصدر : العربية