أساتذة في التاريخ والحضارة يناقشون دور الموروث العربي في ربط الثقافات العالمية بالشارقة الدولي للكتاب
الشارقة،
أكد عدد من أساتذة التاريخ والباحثين في الحضارة الإسلامية على الدور الحيوي للموروث العربي في مد جسور التواصل بين الثقافات العالمية، واستعرضوا الأثر الإيجابي للثقافة الإسلامية عبر العصور وكيف ساهمت في تطوير العلوم والفنون والفكر الإنساني. جاء ذلك خلال جلسة حوارية ضمن فعاليات الدورة الـ43 لمعرض الشارقة الدولي للكتاب، بعنوان “الموروث العربي، صلة الوصل مع العالم”، تحدث فيها الشاعر والكاتب الإماراتي عوض الدرمكي، حول الوجود العربي في الأندلس، والدكتور نجيب بن خيرة، أستاذ التاريخ والحضارة الإسلامية بجامعة الشارقة، عن التأثيرات الحضارية للإسلام في نقل العرب من الانعزال إلى الصدارة المعرفية، كما تحدث الدكتور مسعود بن إدريس، أستاذ الدراسات العثمانية وتاريخ الحضارات، عن انتشار الحروف العربية كلغة تواصل ثقافية وعلمية بين الشعوب، وأدار الجلسة الدكتورة مني أبو نعامة، مدير إدارة المحتوى والنشر في معهد الشارقة للتراث.
الأندلس.. إرثٌ ثقافي يتجدد
استهلّ الشاعر والكاتب الإماراتي عوض الدرمكي النقاش بتسليط الضوء على تاريخ الوجود العربي في شبه الجزيرة الأيبيرية، مشيراً إلى أن هذا الوجود يعود إلى زمن أبعد من دخول طارق بن زياد إليها. وأوضح الدرمكي أن “الكنعانيين، الذين هم من أصول عربية، كانوا أول من استوطن هذه الأراضي، وأن إسبانيا كانت جزءاً من حضارة قرطاج قبل الميلاد، ما ينفي تماماً فكرة أن العرب دخلوا المنطقة كغزاة”. وأضاف أن “الآثار العربية في الأندلس، مثل قصر الحمراء ومسجد إشبيلية وخيرالدا، أصبحت اليوم معالم تجذب آلاف
السياح، وتحقق دخلاً اقتصادياً لإسبانيا، وهو ما يتعارض مع السردية الغربية التي تدعي أن الوجود العربي كان دموياً”.
الإسلام.. نقطة انطلاق حضارية
وتناول الدكتور نجيب بن خيرة، أستاذ التاريخ والحضارة الإسلامية بجامعة الشارقة، التحولات الفكرية والمعرفية التي طرأت على العرب بعد الإسلام، مشيراً إلى أن الإسلام أخرجهم من العزلة إلى المشاركة الفاعلة في تشكيل الحضارة العالمية. وبيّن بن خيرة قائلاً: “قبل الإسلام، كان العرب يعيشون على أطراف الحضارات، ولكن بفضل الإسلام أصبحوا جزءاً من حركة حضارية واسعة تشمل المعارف والفنون”. وأشار إلى ازدهار العديد من المدن الإسلامية التي تحولت إلى مراكز ثقافية عالمية تنافست في العلوم والفنون مثل نيسابور وسمرقند وبخارى، مرجعاً هذا التألق إلى رعاية الحكام العرب للعلم والثقافة.
الحرف العربي.. لغة تواصل عالمي
وفي ختام الندوة، تحدث الدكتور مسعود بن إدريس، أستاذ الدراسات العثمانية وتاريخ الحضارات بجامعة الشارقة، عن دور الحرف العربي في نشر الثقافة الإسلامية والتواصل بين الشعوب. وأكد أن انتشار الحروف العربية مع توسع الحضارة الإسلامية ساهم في خلق لغة مشتركة للمعرفة، سمحت بتبادل العلوم والفنون عبر مسافات شاسعة. واستشهد بن إدريس بالأسطرلاب، الذي صنعه العالم الفلكي المسلم أبو محمود الخجندي في القرن العاشر لمراقبة النجوم، كدليل على الإسهامات العلمية التي نقلها العرب إلى العالم.