أمسية شعرية وقصائد تزهو بقماش اللغة في بيت الشعر
الشارقة /
في أمسية شهدت حضور الشعر بقماش اللغة، أقيم في بيت الشعر بدائرة الثقافة في الشارقة مساء يوم الثلاثاء 12 نوفمبر 2024، أمسية شعرية، شارك فيها الشاعر مختار سيد صالح، والشاعرة الدكتورة هناء البواب، والشاعر محيي الدين الفاتح، وقدمها الشاعر محمد الجبوري، وحضرها محمد عبدالله البريكي مدير البيت، إضافة إلى جمهور من محبي الشّعر، والشعراء والنقاد والإعلاميين، الذين توافدوا من كل إمارات الدولة واحتشدوا في مسرح بيت الشعر، وكانوا في موعد استثنائي مع ما تيسر من تحليق في سماء ديوان العرب.
وبدأت الأمسية مع الشاعر محمد الجبوري، الذي قدم أسمى عبارات الثناء والشكر لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الذي منح الشعر حياة، وأهدى اللغة العربية تاريخًا جديدًا ومعجمًا لم يكن ليكون لولا رعايته، كما قدم الشكر لدائرة الثقافة ولبيت الشعر بالشارقة، وحيا جمهور الأمسية.
وقد انطلقت القراءات مع الشاعر مختار السيد صالح، الذي وجه تحية للشارقة في شكل قصيدة، تغنت بها وبما فيها من جمال وثقافة، ومن أفق واسع للإبداع والشعر، فقال:
و كيف لا؟ و هي تأتي بيتَ مُكرِمِها
و كيف لا؟ و هيَ بالتقديرِ واثِقةُ
وقوفها الآنَ في هذا المكانِ هنا
علامةٌ عندِ أهلِ الحُبِّ فارقةُ
و بينَنا رحمٌ منها يوحِّدُنا
و إنَّها بذوي الأرحامِ لائقةُ
فللبحورِ دراريها و لؤلؤها
و للبلادِ إماراتٌ و شارقةُ
كما قرأ قصيدة أخرى، حملت نفسًا روحيًّا وهو ينشد للرسول صلى الله عليه وسلم، تغنى فيها بخصاله الكريمة ومعجزاته، وأضفى بها على الأمسية أجواء من السمو الروحي، وفيها:
وحدي بخيمةِ ليلٍ أوقدَ الأرقَا
يمَّمتُ نحوَ عُلاكَ النّبضَ و الورقَا
أراودُ اللُّغةَ البيضاءَ عن لغةٍ
بيضاءَ أعلى تنثُّ الوردَ و العبقَا
و أولِمُ النّورَ في قلبي و في كبدي
قِرًى لأكرمِ ضيفٍ منهما عُشِقا
وحدي و ثمّةَ ريمٌ ريعَ في خَلَدي
من الحنينِ فما إنْ طورِدَ انطلقا
وبعد ذلك، قرأت الشاعرة هناء البواب بعضا من نصوصها، التي غاصت في مواضيع العاطفة والحب، وقدمت في البداية نصا حمل معاني الرقي، وصفت فيه روح الشاعرة التي تسكنها، فقالت:
أنا امرأةٌ لها نزقُ التّعالي
أُراقِصُ قهوتي السَّمراءَ سادَة
وأسكبُها منامًا عاطِفيًّا
تُصدِّقُهُ المشاعرُ بالإفادة
وقلبي هادئٌ سمِحٌ وأعفُو
إذا رأسي وضعتُ على الوسادة
ولكنِّي .. إذا أُغضِبتُ يومًا
يثُورُ دمي ويجمعُ لي جِيادَهْ
ثم قرأت قصيدة بعنوان “أجرب أن أشتاق”، نسجت فيها مشاعر الشوق والذكريات، بلغة صافية وقوية، فقالت:
يُحكَى عنِ القلبِ في دُنيا تشرُّدِهِ
أنْ جاءَهُ الشّوقُ يومًا قبلَ موعِدِهِ
يُحكَى عنِ المُعجِزاتِ السِّتِّ، سابِعُها
قلبي الذي كان كالصَّلصالِ في يدِهِ
عن شاطئٍ شهِدَ استحضارَ عاشقةٍ
كانت تُعِدُّ لهُ حلوَى تَفرُّدِهِ
يَمشِي على جَسَدِ الذِّكرى فيجرحُهُ
حزنٌ تسلَّلَ سرًّا نحوَ مرقدِهِ
وكانت خاتمتها مسكا مع الشاعر محيي الدين الفاتح، الذي قرأ نصا بعنوان “الصعود إلى أسفل”، قدم فيه صورا شعرية ذات طابع عاطفي، وتداخلت فيها المفردات بسلاسة، في غنائية عالية، وقد قال فيها:
بَينّْ نوٌباتِ اللَّهَبْ
وَدُخَانُ الَحْيَرةِ الصَّاعِدِ
مِنْ جَمْرِ السُّكوتْ
جفُّ في ذاكرةِ الجُرحِ الغَضَبْ
وعلي الرُّوحِ كساءٌ مِنْ
نسيج العنكبوتْ
«هذه الأرضُ تغطّت بالتُّعبَ»
وتعرّت في نزِيفِ الوقتِ
أَستارُ البيوتْ
وَخْزَةٌ في القلبِ لا تُحْيِي
ولكن لا تموتْ
ثم قرأ نصا بعنوان “آخر الأنباء أنت”، قدم فيها لمحات من معاني الحب والغزل، واستخدم فيه الإحالات والدلالات بشكل يجمع بين البلاغة والبساطة، ومما جاء فيها:
آخِرُ الأَنْبَاءِ أَنْتِ
سورة الأشياء في عيني أنتِ
سريان الروح
في الأحياء أنتِ
خاتم الأسماء أنتِ
أنْتِ مَهْرُ الكلمات
وتضاعيفُ اللغات
وانعتاقُ الحرفِ
إذ فيهِ سكنتِ
أنتِ نبضُ
فتَّقَ الإِيقاعَ
في خطوِ الأغانِي
وفي ختام الأمسية، كرّم الشاعر محمد البريكي، الشعراء ومقدم الأمسية.