صالون الشارقة الثقافي ينظم جلسة حوارية بمعرض الكتاب ال43 بعنوان “المثقف المغترب …وتحديات التمسك بهويته الثقافية “
الشارقة / المكتب الثقافى
ضمن فعاليات الدورة ال43 من معرض الشارقة الدولي للكتاب، قدم المكتب الثقافي بالمجلس الأعلى لشؤون الأسرة بالشارقة، جلسة حوارية ضمن جلسات صالون الشارقة الثقافي، بعنوان “المثقف المغترب ..وتحديات التمسك بهويته الثقافية”، شارك فيها أ.د.ستار سعيد زويني، أستاذ علم اللغة والترجمة في الجامعة الأمريكية بالشارقة، وأدارت الحوار الأديبة الكاتبة صالحة عبيد، بحضور رئيس المكتب الثقافي بالمجلس صالحة غابش وعدد من المسؤولين والأدباء والكتاب والمهتمين بالشأن الثقافي.
الثقافة والمثقف:
ناقشت الجلسة عدة محاور أهمها: تعريف الثقافة والمثقف والهوية والاغتراب، ثم التحديات التي تواجه المثقف المغترب، وصراع الهويات ، وقدرة المغترب على التعايش و التأقلم والتكيف ، واستعرض كذلك الانتاج الثقافي والأدبي للمغترب ، دون أن يلغي هويته الأصلية ودون أن يسقط في براثن الأزمات النفسية. وكيفية التواصل مع الثقافة الأصلية والانقطاع عنها.
مشيرا الدكتور ستار زويني بأن هناك نوعين من الثقافة:ثقافة مادية ملموسة: وهي اللغة والعادات والتقاليد، والزي وأسلوب العيش ، والسلوك والممارسات.
وثقافة معنوية غير ملموسة: تعني مجموع الأفكار والقيم والمعتقدات والدين.
وفي تعريف المثقف ذكر المحاضر عدة مفاهيم بعضها تشير بأن المثقف هو: المتعلم، المتنور ، المتخصص والخبير، الأديب، المفكر، ومن يعرف من كل حقل بعض الشيء، الفاعل المتفاعل. ومن مقوماته بأنه عضو حيوي في المجتمع، والمثقف كذلك هو من اكتسب الملكات وتعلم المعارف وتمكن من النقد والحكم، ولديه التزام والمسؤولية مجتمعية، لتفسير العالم ووضعه على المسار الصحيح، و لا يعارض السلطة ولا يسايرها ولكن يتحاور معها.
الإغتراب:
يعني ابتعاد مؤقت أو دائم عن المكان والمجتمع اللذين ولد
فيهما ونشأ هجرة أو نفي، قسراً أو طوعاً.
الهوية:
السمات الفردية والمجتمعية التي ترتبط بالثقافة أو تنبع منها، ومجموع المكونات الثقافية التي تمنح مشاعر الانتماء لجماعة معينة ومعايير التواصل والتفاعل فيها ومعها.
التحديات:
فالمغترب يقضي معظم حياته في التعويض عن خسارة تجعل حياته مرتبكة ، فهو يواجه عدد كبير من التحديات بسبب ابتعاده عن مكانه وثقافته وأهله ودياره، وعادة ما تربكه الكثير من المتغيرات التي قد ينجح في التأقلم معها، وقد يفشل في أحيان أخرى، ومنها معايير المجتمع الجديد الذي وجد نفسه ينتمي إليه، والتي قد ينسجم معها وقد لا ينجح في التعامل والتوافق معها، مما يتسبب له بشعور من التشتت والضياع بينها وبين معاييره الأصلية التي نشأ عليها، كما أن المثقف المغترب قد يفتقد لوجود الهدف، فلا يسعى للمستقبل ولا يملك الدافع للعمل، ويشعر بالعجز وانعدام القدرة على التفاعل مع المجتمع وتحقيق ذاته، ولا يجد لحياته معنى خاصة أنه متذبذب بين الأصل وبين الهوية الجديدة، وسوء التوافق والصراع بين الهوية الجديدة والتقاليد التي نشأ عليها، وسيعاني من الأزمات النفسية والاحباط، وبالمقابل قد يحدث العكس، وقد تكون هذه العوامل بمثابة التحفيز له للتحدي والابداع، والسعي لتحقيق ذاته من مختلف النواحي وتحقيق التميز والنجاح، ونلاحظ وجود عدد كبير من الناجحين والمتميزين في الغرب من أصول عربية، بسبب العمق الثقافي لديهم يدفعهم للتحدي والنجاح وليتميزوا أمام أسرهم وأقاربهم.
وأكد د.زويني أن المغترب أمام حلين، وهو إما محاولة التأقلم كي لا يجد نفسه في غربة داخلية عن محيطه ومجتمعه الجديد، والحل الثاني هو التنكر التام لأصله، وتجاهل عاداته الأصلية، ونتيجة هذا أنه سيذوب تماماً في المجتمع الجديد، وبالطبع من الأفضل أن ينجح المغترب في تحقيق التمازج والانسجام بين هويته الأصلية والهوية الجديدة، فلا يحدث تفكك ولا ذوبان تام، بل يتأقلم المغترب مع محيطه دون أن يلغي هويته الأصلية، ويحقق التوازن بينهما بنجاح، وهذا ينعكس بالإيجاب على نفسيته وإبداعه وعمله
وأكد د.زويني أن ما يعيشه المثقف المغنرب عادة، هو إعادة ترتيب لهويته وإنتمائه، فهويته الأصلية التي كانت في الصدارة تتراجع لتصبح على الهامش، ويحل مكانها الهوية الجديدة النابعة من ثقافة المجتمع الجديد الذي أصبح المغترب ينتمي إليه.
وأوضح د.زويني ضرورة أن يمتلك المثقف المغترب مهارات التأقلم من خلال التسامح وقبول الآخر والتعايش وأن هذا السلام النفسي إن تحقق سيحقق صاحبه النجاح والتميز، فتفهم المغترب لمجتمعه الجديد يساعده على السير في طريق النجاح، ونلاحظ أن الثقافة الجديدة للمثقف ستظهر بلا شك في إنتاجه الأدبي، وسيظهر مدى تأقلمه وتقبله لمجتمعه الجديد.
ومن أبرز التحديات التي قد تواجه المغترب المثقف كذلك اضطراره للتأقلم مع موطنه الأصلي من جديد في حال عودته للوطن بعد سنوات من الغربة، حيث سيكتشف أن كل شيء قد تغير، الناس والأماكن والمجتمع، وسيشعر مجدداً بالغربة وقد يواجه صعوبات في التأقلم بين صورة الوطن المحفورة في ذاكرته وبين الواقع الذي تغير