“بيت الحكمة” يسلط الضوء على الإرث التاريخي لجامعة القَرويين في “الشارقة الدولي للكتاب”
عبر تجربة بتقنية الواقع الافتراضي في قلب الجامعة ومخطوطات نادرة من "خزانة القرويين"
الشارقة، الامارات
ضمن مشاركته في فعاليات الدورة الـ43 من معرض الشارقة الدولي للكتاب 2024 التي تستمر خلال الفترة من 6 إلى 17 نوفمبر الجاري بمركز إكسبو الشارقة، وفي ضوء اختيار المغرب ضيف شرف لنسخة هذا العام، يحتفي بيت الحكمة في إمارة الشارقة بجامعة القَرويين المغربية، أقدم جامعة في العالم ما زالت تمنح الشهادات التعليمية وفقا لتصنيف موسوعة غينيس، وذلك من خلال تجربة شاملة تلقي الضوء على هذه المؤسسة العريقة ذات العطاء الموصول، وتبرز دورها الرائد في ترسيخ ونشر العلوم والمعارف لما يناهز 12 قرناً من الزمان.
يستعرض جناح بيت الحكمة جوانب مختلفة من تاريخ الجامعة منذ تأسيسها على يد السيدة فاطمة الفَهرِيّة في مدينة فاس عام 859م، وذلك ضمن ثلاثة أقسام رئيسية تستهدف توفير تجربة ثقافية شاملة لجمهور المعرض من الكبار والصغار ومحبي الثقافة العربية الأصيلة، حيث يستهل قاصدو الجناح زيارتهم من عند “خزانة القَرويين” العريقة التي تعد من أقدم الخزانات في العالم العربي والإسلامي، وتحتضن عدداً هائلاً يُقدر بالآلاف من نفائس المخطوطات القديمة.
يعرض هذا القسم نسخاً رقمية من أندر المخطوطات والكتب التي تزخر بها الخزانة، من بينها نسخة نادرة من القرآن الكريم تعود إلى القرن الثالث الهجري، منسوخة بالخط الكوفي العريض على رقّ الغزال؛ ونسخة من أقدم ترجمات الإنجيل إلى اللغة العربية مكتوبة بخط أندلسي عتيق؛ وكذلك نسخة من “كتاب السير لأبي إسحاق الفزاري” تعود إلى القرن الثالث الهجري؛ ونسخة من كتاب “العِبَرُ وديوانُ المُبْتَدأ والخَبَر” للمؤرّخ والفيلسوف الاجتماعي ابن خلدون صنفتها اليونسكو ضمن التراث العالمي الإنساني؛ ونسخة من “كتاب الأخلاق” لأرسطو، بالإضافة إلى فهرس بالمخطوطات المتاحة في خزانة القرويين، وهو من مقتنيات دار المخطوطات بالشارقة.
بعدها ينتقل زوار الجناح إلى شاشة تفاعلية تعرض لهم معلومات تعريفية عن الجامعة تتضمن قصة تأسيس جامع القَرويين وتحوله إلى جامعة في القرن التاسع الميلادي، والساعة المائية التي تعد من أهم معالم الجامعة، وأبرز العلماء والمفكرين والفلاسفة الذين مروا من خلالها من أمثلة ابن خلدون وابن رشد وابن حزم والشريف الإدريسي وغيرهم.
وفي القسم التالي من الجناح، ينتقل الزوار إلى تجربة تفاعلية ثريّة عبر نظارة الواقع الافتراضي، تقدم بالتعاون مع مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء) في المملكة العربية السعودية، حيث تتيح لهم نافذة بصرية يطلّون منها على جامعة القَرويين لمشاهدة جماليات عمارتها الإسلامية، وقِبابِها الخضراء، ومحرابها الخشبي العتيق، ونافورتها الدائرية التي تتوسط باحتها، وسقفها الموزع بين جزء مغطى وجزء مفتوح على السماء.
ويضم الجناح أيضاً ركناً للقراءة يتيح للزوار التوقف والتأمل في تجربة ثقافية تنسجم مع أجواء المعرفة التي تعم الجناح، وهناك أيضاً مساحة مخصصة لتشجيع الشباب على إعادة تصميم أغلفة الكتب القديمة بمفهوم عصري بالتعاون مع “هوية الشارقة”، وذلك بغرض تعريفهم بتراثنا الأدبي القديم، وتشجيعهم على إعادة إحياء تلك الكتب من خلال تصميم غلاف معاصر يرتقي لمضمونها.
وقالت مروة العقروبي، المديرة التنفيذية لبيت الحكمة: “يعد الاحتفاء بالصروح المعرفية والثقافية العريقة التي شكلت تراث وملامح حضارتنا العربية والإسلامية ضمن الأهداف التي يحرص عليها بيت الحكمة ضمن رؤيته الشاملة لتعزيز التفاعل مع الحراك الثقافي، وتقديم مساحة إثرائية لمجتمع القراء والباحثين، ومن هنا جاءت مشاركتنا هذا العام في معرض الشارقة الدولي للكتاب لتعزز رسالته في
اختيار المغرب ضيف شرف، عبر تسليط الضوء على جامعة القرويين التاريخية، وما قدمته من إسهامات جوهرية تجاه الحضارة الإنسانية على مدار 12 قرناً؛ فقد ظل عطاؤها موصولاً لا ينقطع في إرساء ونشر الفكر والعلوم والمعارف في أرجاء العالم العربي والإسلامي، وهو ما جعلها منارة تهوي إليها أفئدة العلماء والمتعلّمين من مختلف أنحاء العالم”.
وبالتزامن مع فترة المعرض، ينظم بيت الحكمة ورشة متخصصة في صيانة وترميم المخطوطات على مدار ثلاثة أيام، تقدمها الدكتورة صباح البازي، رئيسة مصلحة الصيانة والتصميم بخزانة القرويين، وذلك بالتعاون مع معهد الشارقة للتراث. تتناول هذه الورشة العديد من المحاور من بينها التعريف بمبادئ ترميم المخطوطات؛ والعوامل المضرة والمؤثرة بصحة المخطوطات؛ وأهم التقنيات المستخدمة في عملية الترميم والمعالجة.