قرية ” الحرانية ” بصعيد مصر حكاية طفل كان يحلم بالعالمية
نساء يبدعن في تصاميم السجاد المستوحاة من الطبيعة
بقلم / ثناء عبد العظيم
يشتهر الشعب المصري بحسه الفني الفطري الذي يظهر في تفاصيل الحياة اليومية ، سواء كان ذلك من خلال الحرف اليدوية مثل صناعة السجاد والخزف والأعمال الخشبية ، أو في الأفراح والمناسبات من خلال الأغاني والرقصات الشعبية ، ويعكس الفن الشعبي ثقافة المجتمع المصري وقيمه ويعمل علي تقريب الناس من بعضهم البعض مما يجعله فنا يعبر عن روح الجماعة ويبرز روح الدعابة المصرية وأسلوبهم الفريد في التعامل مع الحياة
في قرية ” الحرانية ” التي تقع في محافظة الجيزة ، فنانين من نوع خاص لا يرسمون بالريشة والألوان ولا يستخلصون فنهم من لوحات لفنانين آخرين ، لكنه فن ينبع من داخلهم عن طريق الرسم بالخيوط الصوفية وعلى أوتار النول الخشبية يغزلون السجاد لوحات فنية رائعة مستوحاة من التراث والطبيعة والريف المصري ..
فنانون مصريون بالفطرة رجال ونساء ، شيوخ وأطفال الجميع يعمل بالفن التلقائي يبدعون بتصاميم عفوية يغزلون السجاد بأناملهم لوحات من الطبيعة .. قرية لا تجد فيها شاب ولا فتاة عاطلة الجميع فى بيوتهم يعملون على الأنوال الخشبية..
ومن اللافت للنظر أن المرأة الريفية في قرية الحرانية مبدعة تقوم بأعمال وتصاميم فنية غاية فى الروعة ، نساء لم يدرسن الفن ولم ينلن من التعليم سوى اليسير ومع ذلك فنانات بالفطرة حتي وصلت للعالمية برسوماتها البديعة المستوحاه من الطبيعة والتراث المصرى ..
وكانت لتلك الحكاية قصة تعود إلى خمسينات من القرن الماضى كان هناك فنان يدعى رمسيس ويصا واصف مهندس معماري مصري لقب بأبو العمارة القبطية والنسيج في مصر، كان بداخله حُلم كبير يسعى بكل طاقته إلى تحقيقه، كانت لديه قناعة بأن كل طفل يولد وبداخلة قوة على الخلق والإبداع، فذهب إلى احدى قرى مصر الزراعية وكانت قرية الحرانية بمحافظة الجيزة، واختار 15 طفل وطفلة من سن 8 إلى 10 سنوات، وبدأ في تعليمهم فن النسيج على النول. في البداية ترك الأطفال ترسم ما بداخلها وما تتخيله بالخيوط على النول الصغير فكانت رسومات غير معبرة، وبعد فترة كبر النول وكبر معه خيال الأطفال، فأخرج قطع واضحة رسوماتها معبرة، ومرت الأيام والسنين وأصبح الطفل الصغير فنان يبدع من وحى الطبيعة بدون رسم مسبق “باترون” أو اتفاق على رسمه بعينها، الفنان هو فلاح بسيط يعيش بين السماء الزرقاء والأرض الخضراء وعلى ضفافه نهر النيل العظيم فأوحى لروحه بلوحات فنية طبيعة تصل من لعين للقلب
