رابطة العلماء العرب تبحث بالدوحة هجرة العقول العربية
الدوحةـ قطر
افتتح يوم الأحد الماضى في الدوحة اللقاء السنوي لـ”رابطة العلماء العرب” التي ترجع جذور فكرتها إلى ما يقرب من عقدين من الزمن. وكانت قد انبثقت من تأسيس “شبكة العلماء العرب المغتربين” كإحدى مبادرات مؤسسة قطر.
ويشارك في اللقاء السنوي، الذي يستمر ثلاثة أيام، خبراء عرب دوليين ومحليين في المجالات العلمية والاجتماعية بالشرق الأوسط ودول العالم في حوار تخلله ورش عمل متخصصة أعدتها جامعة حمد بن خليفة.
وتبوأت هذه الرابطة، اليوم، مكانتها كمجتمع يركز على الابتكار ويعزز العلاقات وأواصر التعاون بين العلماء العرب والمعاهد البحثية والجامعات والشركاء في القطاع الصناعي للنهوض بالعلوم والبحوث ومشاريع بناء الكفاءات في قطر، حيث تضم رابطة العلماء العرب بعضويتها حاليًا أكثر من 14 مؤسسة كبرى في هذه الدولة وعلى مستوى العالم.
يُذكر أن أرقاما كانت قد وصفت بالصادمة قد انتشرت عام 2023 تشير إلى أن أكثر من نصف العرب تقريبا يرغبون في الهجرة، والأكثر حرصا على هذه الهجرة هم الحاصلون على شهادات جامعية ومستويات تعليمية أعلى، أي هجرة العقول.
ما يثير القلق في الدول العربية -بحسب خبراء- يتمحور في قدر التهديد الكبير الذي تشهده “عمليات التنمية” في الدول العربية جراء هجرة أدمغتها، حيث تشير التقديرات أن العالم العربي خسر جراء هجرة الأدمغة ثلث طاقته البشرية، وما يقارب 50% من هؤلاء أطباء متخصصون، و23% تقريبا من المهندسين، والبقية من مجالات مختلفة.
أما الوجهة فكانت دول أوروبا وأميركا الشمالية وأستراليا، كما تشير الدراسات أيضا إلى أن 54% من الطلاب العرب الذين يسافرون للدراسة لا يعودون إلى أوطانهم بحثا عن فرص العمل. وهذه الهجرة الضخمة، وما أفرزته من أخطار رآها البعض بأنها وجودية، حتمت بحكم الواقع البحث عن كيان يوقف إلى حد ما نزيف العقول العربية المهاجرة، ويجد لأحلامهم وإبداعاتهم مكانا، يقدرهم ويؤمن بموهبتهم وإمكانياتهم، لتتشكل على إثر ذلك ما بات يعرف “برابطة العلماء العرب” في مؤسسة قطر.
اللقاء الذي عقد في مبنى ذي المنارتين بجامعة حمد بن خليفة، قالت فيه رئيس مجلس إدارة مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع الشيخة موزا بنت ناصر المسند “إن رابطة العلماء العرب امتداد طبيعي لمبادرة العلماء العرب المغتربين التي أطلقناها عام 2006”.
وعبرت الشيخة موزا عن سعادتها بلقاء عدد كبير من العلماء والمفكرين، وقالت “سُعدتُ بلقاء هذا الجمع المبدع من العلماء والمبتكرين والباحثين أينما يقيمون في مختلف أنحاء العالم، فضلاً عن الشركاء في معاهد البحوث وقطاع الصناعة الذين سنحرص على تطوير شراكاتنا معهم”.
كما أكدت أمام الحضور إصرارها على استثمار التكنولوجيا في استنباط أساليب جديدة ومحفِّزة على تفعيل التعاون للارتقاء به إلى المستوى الذي يسهّل على الجميع الإسهام في جعل المنطقة العربية أكثر قدرة في التغلّب على تحديات القرن الـ21.
وشهدت الجلسة الافتتاحية من رابطة العلماء العرب إطلاق المنصة الرقمية والتي تطورت لتشكل مساحة تفاعلية متكاملة تقدم للأعضاء مجموعة كبيرة من الفرص المشتركة، التي تتضمن المشاريع البحثية والتبادل الأكاديمي والطلابي وأنشطة التطوير المهني.
ومن خلال إطلاق هذه المنصة، ترى الرابطة أن المسافات والحدود الجغرافية لم تعد تشكل عائقًا أمام تقارب وتعاون الخبرات العربية وإنشاء مركز معرفي يلهم الأجيال الحالية والمستقبلية لتطوير حلول مستوحاة من العالم العربي للتصدي ومعالجة التحديات الإقليمية والعالمية.
وتركز فعاليات اللقاء على مجالات ذات أهمية محلية وإقليمية وعالمية، مثل الرعاية الصحية الدقيقة، التكنولوجيا الحيوية، الذكاء الاصطناعي، الأمن السيبراني، الاستدامة، الصحة البيئية. كما توفر الفعاليات فرصًا لتبادل الرؤى والأفكار المتعددة بين العلماء وصناع السياسات.