دراسة جديدة لـ “اجتماعية الشارقة”: “الحياة بعد التقاعد” بالأرقام والأسباب
الشارقة - ثناء عبد العظيم
أوصت دراسة “الحياة بعد التقاعد” والتي أجرتها إدارة المعرفة في دائرة الخدمات الاجتماعية في الشارقة، على عينة عشوائية عمدية، تألفت من 125 متقاعدا (40-70 سنة) من مختلف مناطق الدولة، بإنشاء صندوق استثماري يستهدف الموظفين خلال فترة العمل بالخدمة، على أن تتولي إدارة الصندوق إحدى الجهات المالية الحكومية، بهدف تشجيع الموظفين على المساهمة في هذا الصندوق الاستثماري واستثمار حالة الدخل الجيد خلال فترة العمل لما بعد التقاعد، حيث لا تصرف أي عوائد أو أرباح لأسهم الموظف إلا بعد التقاعد بما يمثل مصدر دعم للدخل بعد الخروج من الوظيفة بما يقلل من الأزمات المالية التي تواجه الموظف بعد التقاعد بسبب الفجوة بين الدخل قبل التقاعد والدخل بعد التقاعد.
منصة إلكترونية للمتقاعدين
كما أوصت الدراسة، بعمل موقع إلكتروني خاص بالمتقاعدين أو منصة اجتماعية تجذب المتقاعدين ذوي العطاء المستمر لاستثمار طاقاتهم وللاستفادة من خبراتهم العملية والفكرية، ولطرح أفكارهم ومبادراتهم والتي من الممكن أن تسهم في تطوير المشاريع الاجتماعية والاقتصادية والصحية في جميع المجالات.
ملتقى سنوي
ودعت التوصيات لتنظيم ملتقى سنوي للمتقاعدين لعرض الخبرات والتجارب الناجحة للمتقاعدين ولنشر المعرفة لدى الأفراد والمتقاعدين بطرق استثمار أوقاتهم والتي تجنب المتقاعد العزلة عن الحياة بعد خروجه من العمل الروتيني. بالإضافة لتنظيم فرص تطوعية لهم في مختلف المؤسسات لأداء بعض الخدمات المجتمعية، بعد تدريب وتأهيل المتقاعدين المتخصصين في مجال العلوم الإنسانية للعمل كاستشاريين لتقديم الاستشارات الاجتماعية للأطفال والأسر، بما يمثل أفضل توظيف للخبرات الحياتية والإنسانية للمتقاعدين لصالح المجتمع والأسرة والطفل.
تفعيل المؤسسات
ومن التوصيات البارزة ضرورة الاهتمام ببرامج التأهيل النفسي والمهارات الحياتية للموظفين المقبلين على التقاعد لتهيئتهم نفسياً للتعامل مع تغيرات تلك المرحلة، والسعي نحو تفعيل دور وخدمات الجمعيات المعنية بالمتقاعدين لدفعها نحو القيام بأدوارها في دعم المتقاعدين خاصة في تنفيذ برامج وأنشطة لتحسين فرص التقاعد النشط.
وتأتي هذه الدراسات بحسب الدكتور جاسم الحمادي مدير إدارة المعرفة، لكون قضية المسنين وتقاعدهم تعد من القضايا التي تشغل وتؤرق قطاع كبير من كافة المجتمعات لكونها مرحلة سوف يسير إليها الجميع ممَّن هم في سوق العمل الرسمي آجلاً أو عاجلاً، وترتبط هذه الأهمية بما يواجهه المتقاعد من تغير كثير من الأنماط الحياتية والاجتماعية والصحية والنفسية والاقتصادية التي اعتاد عليها الفرد لسنوات طويلة، وتزداد معدلات حدوثها كلما تقدم العمر، خاصة أن عدداً غير قليل من الدراسات التي تناولت مشكلات الشيخوخة أثبتت أن من بين التغيرات التي تصاحب هذه المرحلة ما يتعلق بالرضا عن الحياة، والمتمثل في الانشراح النفسي والسعادة.
وأعقب موضحا، من هذا المنطلق تأتي أهمية الدراسة لما تتطرق له من نتائج لوصف الوضع الآني للمتقاعدين، والرؤية المقترحة التي يمكن أن يتحقق التحول من خلالها لمفهوم الشيخوخة الإيجابية التي تهدف لها كثير من السياسات والبرامج، تلك الإيجابية من المؤكد أنها ترتبط بممارسات الفرد بعد التقاعد، وسبيل لتحقيق المشاركة الإيجابية للمتقاعدين للتغلب على المشكلات الاجتماعية والنفسية وربما الاقتصادية.
وأشار الحمادي، بأن هدف الدراسة -والتي تعد من الدراسات القليلة التي تبحث في قضايا المتقاعدين على المستوى العربي- التعرف على أوضاع المتقاعدين مع الحياة الجديدة بعد التقاعد من كافة النواحي الاقتصادية الاجتماعية والنفسية ومدى كفاية الدخل بعد التقاعد تقييم المتقاعدين للخدمات الصحية والضمانية بعد التقاعد.
انخفاض الدخل
من خلال تحليل المشكلات التي تواجه المتقاعدين، أشار نحو 90.4% أن أكثر المشكلات التي تواجه المتقاعدين هي الانخفاض في الدخل التقاعدي مقارنة بالدخل السابق للتقاعد، كما أن نحو 35.2% من المتقاعدين واجهتهم مشكلة الشعور بالفراغ وانحسار النشاط، فيما ذكر نحو 31.2% مشكلة ضعف فرص العمل للمتقاعدين رغم قدرتهم للعمل. وكان متوسط الراتب الشهري سنة قبل التقاعد هو (26044.5) من الدراهم، وقد انخفض بعد التقاعد إلى متوسط يقدر بنحو (19992.3) من الدراهم، أي أن الدخل الحالي بعد التقاعد قد انخفض مقارنة براتب أخر شهر قبل التقاعد بنحو 23.25%. حيث جاء الراتب التقاعدي للسيدات يمثل نحو 57.2% من الرتب التقاعدي للرجال، بينما جاء الدخل المأمول لتحقيق الاكتفاء المعيشي بنحو (31252.2) درهم شهرياً. بما يعني أن الدخل الحالي يمثل نحو 64% فقط من الدخل المأمول لتحقيق الاكتفاء. وأن نحو ما يقارب من 70% من عينة الدراسة أشاروا إلى أنه لا يكفيهم الراتب التقاعدي إلى حد كبير أو عدم الكفاية بصورة نسبية.
قرار التقاعد شخصي
بينت الدراسة أن قرار التقاعد كان شخصيا لنحو 33.9% منهم وأشار نحو 28.2% أنه بسبب الحالة الصحية، في حين تقاعد نحو 25% لبلوغهم سن التقاعد. وبينت الدراسة أن نحو 48% من العينة لا يملكون تأمين صحي دائم، مقابل 39.2% لديهم تأمين صحي دائم، و12.8% يملكون تأمين صحي جزئي.
و44% من العينة ليس لديهم أي أمراض مزمنة، بينما تنوعت الأمراض المزمنة لدى نحو 56% من عينة المتقاعدين ما بين آلام المفاصل والروماتيزم، ضعف الإبصار، ضعف السمع، أمراض مزمنة أخرى. وأن نحو 78.4% من المتقاعدين لا يوجد أي تواصل معهم من جانب أي من صناديق التقاعد. وأن نحو 72% من العينة راضية عن حياتها بعد التقاعد، فالرضى التام جاء بنسبة نحو 38.4%، بينما حالة الرضا النسبي جاء بنحو 33.6%، في حين أن نحو 13.6% غير راضون، ويبقى نحو 14.4% من غير القادرين على تحديد تحقق الرضا من عدمه عن حياتهم بعد التقاعد.