“بيت الحكمة” يصحب أطفال “الشارقة القرائي” في رحلة ملهمة مع “حيّ بن يقظان”
خمس محطات تروي للصغار مغامرات طفل اكتشف العالم بدون معلِّم
الشارقة / ثناء عبد العظيم
سعياً لتسليط الضوء على قيمة التفكير والتحليل والاعتماد على الذات في حياة الأطفال واليافعين، يشارك بيت الحكمة في الدورة الـ15 من مهرجان الشارقة القرائي للطفل تحت عنوان “حيّ بن يقظان: مسيرة التنوير”، بالتعاون مع مكتبة قطر الوطنية، بهدف تعريف الأطفال واليافعين على واحدة من روائع الأدب العربي وهي قصة “حيّ بن يقظان” للأديب والفيلسوف الأندلسي ابن طفيل.
تروي القصة حياة ملهمة لطفل نشأ وحيداً في جزيرة معزولة عن أي اتصال إنساني، فعثرت عليه ظبية قامت على تربيته، إلى أن اشتد ساعده وتعلم كيفية العناية بحاجات نفسه، وانصرف بمفرده إلى التفكير والتأمل في الطبيعة ليدرك بنفسه أدقّ حقائق الكون. وتعد هذه القصة من الروائع العربية الخالدة التي ألهمت أعمالاً عالمية شهيرة مثل رواية “طرزان”؛ ورواية “كتاب الأدغال”؛ ورواية “روبنسون كروزو”؛ وفيلم “Cast Away”، وقد طُبعت هذه القصة ونشرت عدة مرات، كما تُرجمت إلى العديد من اللغات.
أقسام تفاعلية للأطفال
استُلهم تصميم جناح بيت الحكمة من قصة “حيّ بن يقظان”، حيث تضمن خمسة محطات تبرز للأطفال جماليات القصة عبر أنشطة تفاعلية؛ حيث تبدأ رحلة الأطفال في محطة “الطفولة المبكرة والرعاية”، التي يستكشفون من خلالها كيف استطاع حيّ بن يقظان أن يبقى على قيد الحياة ولقائه بالظبية التي قامت على رعايته، وتركز هذه المحطة من خلال عروض تفاعلية على رفاهية الحيوان وأهمية التعايش معه.
بعدها ينتقل الأطفال إلى محطة “التعلّم والتكيف”، ليتعرفوا على تطور مهارات بطل القصة وقدرته على استخدام الموارد الطبيعية المتاحة في الجزيرة المعزولة عن الاتصال البشري لتسيير شؤون حياته، مع التركيز على أهمية الاستدامة واستخدام الموارد التي أهدتها لنا الطبيعة، وإعادة استخدامها وتدويرها دون هدرها أو الإسراف فيها. وتشجع المحطة الثالثة “الابتكارات والحلول” الأطفال على الاعتماد على أنفسهم وابتكار حلول لجميع ما يواجهون تحديات من خلال استعراض قدرة بن يقظان على التغلب على حزنه لموت الظبية التي كانت بمثابة والدته، وانصرافه إلى البحث والتأمل في الطبيعة إلى أن اكتشف النار واختبر قوتها وسخرها لتلبية احتياجاته من الغذاء والتدفئة وغيرها.
وتؤكد المحطة الرابعة “التناغم مع البيئة” للأطفال على ضرورة العيش في وئام مع الطبيعة التي نحن جزء منها، مع اكتساب عادات صديقة للبيئة لضمان الحفاظ عليها وعدم الإخلال بتوازنها، وفي المحطة الخامسة والأخيرة “بلوغ الحكمة” يتعرف الأطفال على المستوى الذي وصل إليه حيّ بن يقظان من الحكمة التي تجاوزت حدود المعرفة بفضل سعيه الدؤوب للتعلم والتفكير والبحث والاكتشاف.
نموذج رائد يلهم الأطفال لاستكشاف العالم
وقالت مروة العقروبي، المديرة التنفيذية لـبيت الحكمة: “ارتكزت مشاركتنا في مهرجان هذا العام على إيماننا بأهمية الأدب والفكر في تنشئة الأطفال، ولا شك أن قصة حيّ بن يقظان وما لها من جذور تاريخية عريقة في تراثنا العربي والإسلامي تنمي في أطفالنا مهارات التفكير العقلي والبحث والاستنباط، وتعرفهم على أهمية إعمال العقل والفكر والفطرة السليمة لاستخلاص النتائج المنطقية والاعتماد على الذات، وهذه أبرز السمات التي تجسدت في شخصية حيّ بن يقظان”.
وأضافت: “تروي القصة حكاية طفل مفكِّر بالفطرة، وصل بمفرده وبعقله دون إرشاد معلم إلى معرفة أسرار الوجود والحياة، وهذا النموذج الرائد يلهم الأطفال لاستكشاف العالم من منظور مختلف، ويشجعهم على البحث والاستفادة من قدراتهم الكامنة، وإننا على يقين بأن لهذه القصة فوائد عظيمة في تنشئة الأطفال وتعزيز قيم الفكر والتحليل والاستقلالية في تكوين شخصياتهم”.
ويتضمن جناح بيت الحكمة كذلك معرضاً مصغّراً يضم نسخاً نادرة من الرواية باللغة العربية والإنجليزية والألمانية والفرنسية، بعضها من المقتنيات الخاصة بمركز جمعة الماجد للثقافة والتراث والبعض الآخر تم الحصول عليه من مكتبة قطر الوطنية، ويعود تاريخ أقدم نسخة من هذه الروايات إلى عام 1721م.