الكاتبة” ريم بسيوني ” تروى حقبة منسية فى تاريخ قاهرة المعز من العصر المملوكى حتي الفاطمي
حوار / ثناء عبد العظيم
الدكتورة ريم بسيونى روائية مصرية هي بنت الإسكندرية تعمل أستاذا في علم اللغويات بالجامعة الأمريكية ، حصلت على الدكتوراه من جامعة اكسفورد البريطانية ..أحبت تاريخ القاهرة القديمة فكتبت ثلاثية ” اولاد الناس ، القطائع ، والحلوني ” وتدور أحداثها في عصر المماليك ، واحمد ابن طولون ، وجوهر الصقلي ، والمعز لدين الله الفاطمي ،كتبت عن قادة وشخصيات من صقلية وارمينية وكردية كان لهم تأثير كبير على الهوية المصرية من خلال أحداث تاريخية مرت لا نعرف تفاصيلها بالكامل .
حصلت الدكتورة ” ريم بسيونى ” على العديد من الجوائز العربية والعالمية ، وهي اول كاتبة تحصل على جائزة نجيب محفوظ للأدب من المجلس الاعلى للثقافة فى مصر عن رواية “أولاد الناس ” ، كما حصلت علي جائزة احسن عمل مترجم فى الولايات المتحدة الأمريكية عن رواية ” بائع الفستق” وجائزة سويرس لأحسن عمل فئة الشباب عن رواية ” دكتوره هناء” ولها مؤلفات اجتماعية وتاريخية عديدة ، وكان معها هذا الحوار ..
كيف كانت العلاقة بين المصريين والمماليك بعد قراءتك للتاريخ ؟
عندما قرأت الأدب القديم وجدت أن الإنسان المصري مرتبط بتاريخه إلي حد كبير، فهناك علاقة بين الهوية واللغة في المجتمع المصري بكل الحقب التاريخية تعتمد على الظروف الاجتماعية والسياسية ، ولكي افهم الهوية المصرية في تلك الحقبة كان لابد من الغوص فى تاريخ مصر بالعصور المملوكية والطولونية والفاطمية والتى استمر حكمهم 300 عام دون معرفة إنجازاتهم ، حيث يقول عنها المؤرخون الأجانب أنها آخر عصور النهضة الإسلامية والرخاء مما جعلني اهتم كمصرية بالهوية التاريخية ..
كيف استلهمت شخصيات رواية ” أولاد الناس” ؟
كان الدافع وراء كتابة تلك الرواية عندما زرت مسجد السلطان حسن وتأثرت بروعة المكان وعظمته ، وسألت عن السلطان حسن ودوره التاريخي والأموال التي صرفها في بناء المسجد ومات قبل ان يراه .. أردت أن أفهم تاريخ تلك الحقبة من خلال الآثار المملوكية وروعتها مما جعلني أغوص فيها لأنها فتره مهمة فى تاريخ مصر .. قرأتي للتاريخ جعلتني أتعرف علي شخصيات تتعايش معنا بشكل يومي ، ومن خلال الآثار المملوكية المتبقية منذ العصور الإسلامية من مساجد ومدارس وخانكات وعشت في العصر المملوكي بكل تفاصيله في خان الخليلي وشارع المعز ذلك المكان الذي تتقابل فيه شخصيات رواية ” اولاد الناس” في حقبة زمنية مهمة في تاريخ مصر من خلال ثلاث قصص حب مختلفة جرت أحداثها في فترة حكم المماليك لتكشف الكثير عن علاقة المصريين بهم .
وماذا عن رواية القطائع وثلاثية الدولة الطولونية ، وماذا قدم احمد بن طولون صاحب المسجد الشهير لمصر ؟
احمد بن طولون الذى بني مسجده الكبير وقرأت عن سيرته التي كتبت بعد وفاته بأربعين عاما علي يد احمد البدوى وكانت تتحدث عن حياة احمد بن طولون بطريقه مختلفة ومواقفه فى حياته عندما كان ينزل إلي الشارع متخفيا لمقابلة الناس فى ميدان العباسية للوقوف علي إحتياجاتهم ، تحدثت سيرته عنه كإنسان وتعاطفت معه كشخصيه مهمة فى تاريخ مصر، واحمد ابن طولون هو أول من ادخل المصريين الجيش وبني جيشا مستقلا لمصر فى الدولة الاسلامية وكان عنده حلم بأن تصبح مصر دولة قوية
رواية ” الحلواني” تبحث فى الهوية المصرية في العصر الفاطمي فما هو مفهومها ؟
” الحلوانى ” ثلاثية تدور أحداثها في العصر الفاطمي حول ثلاث شخصيات اثروا التاريخ المصري بالكثير من المواقف العالقة فى الأذهان وبما تركوه من اثار وهم ” الصقلى، والارمنى، والكردى ” الحكاية الأولي منذ بداية عصر الحاكم بأمر الله وجوهر الصقلي مؤسس القاهرة الفاطمية والذى صنع لزوجته عروسا من الحلوي ، وفارسا وحصانا يعتليه فارسا بعمامة ممسكا بالسيف ، ليخبرها ان الدنيا لا تزال فيها بعض الحلاوة ، والحكاية الثانية في عصر الخليفة المستنصر وحكاية أمير الجيوش ” بدر الجمالي” أرمني الأصل استنجد به الخليفة الفاطمي لينقذ مصر من المجاعة والشدة المستنصرية ، والحكاية الثالثة هى للكردي” يوسف بن أيوب “ختام لزمن وبداية لآخر ومقاومة ” إبراهيم الحلواني ” ، “ورشيدة ” وأهل الإسكندرية لجيش الوزير شاور ومقاومة أهل الفسطاط والقاهرة لجيوش الفرنجة. وكانت فترة حكم الفاطميين لمصر طويلة تأثر بها المصريين في صناعة الحلوى والمظاهر الاحتفالية ، كما شيد الفاطميون أبواب القاهرة مثل باب الفتوح ، وباب زويله ، وباب النصر، وأسوار القاهرة وبنوا مسجد الأزهر الشريف ، وكانت الدولة الفاطمية مهمه قدمت الكثير لمصر فهل نعتبر القائد جوهر الصقلي الذي جاء من صقلية لفتح مصر وعاش ومات فيها ليس مصريا وكان كل انتماؤه لمصر في وقت لا تعرف البشرية فكرة الانتماء والهوية ، وهل نعتبر المصري هو من يولد فيها من أبويين مصريين أم من اختار مصر وطنا أحبه يبنى ويعيش فيه
لماذا فكرت في كتابة روايات تاريخية عن الحقب التاريخية المملوكية والفاطمية ؟
الروايات التاريخية التى كتبتها عبر من خلالها عن التاريخ المنسي الذي يحتوى على معلومات مغلوطة مثل تاريخ المماليك الذي إعتقد المصريون انهم مجموعة من العبيد حكموهم في فترة ظلامية ودولة ضعيفة ، لكن الحقيقة أنها كانت من أقوى فترات حكم الدولة الإسلامية كان فيها نهضة تجارية ومعمارية ، وانتاج ثقافى غزير، وهذا العصر ظلمه التاريخ ويحتاج منا إعادة كتابته . أما عصر أحمد بن طولون فقد تشكلت فيه الهوية المصرية وبنى فيه المصانع وأنشأ القناة المائية وبنى مسجد ابن طولون ومدينة القطائع، وكذلك الدولة الفاطمية وشخصية ” بدر الجمالى” الذي أنقذ مصر من المجاعة وهو ارميني الأصل قرر أن يكون مصريا مثل جوهر الصقلي
تناولت رواياتك خيال تاريخي فهل كان شغفا ام من خلال حقائق تاريخية ؟
رواياتي فيها العنصر الخيالي لكن بحقائق تاريخية وأمانة علمية ونالت كتاباتى شئ من التصوف مثل اولاد الناس ورواية ” سبيل الغارق” التي اعتمدت على كلمات ابو حامد الغزالي الفيلسوف والمتصوف المهم في حجة الإسلام. الكتابة التاريخية تعتمد على أبحاث علمية بطريقه منهجية ليتأكد الكاتب من صحتها وكتب التاريخ فيها معلومات مغلوطة ومتناقضة ومنقوصة عن شخصيات تاريخية تحتاج إلي البحث للخروج بنتيجه متكاملة ، وأعتبر أن التبحر في التاريخ أفادني كثيرا فالقراءة جزء لا يتجزأ من حياتي وتكوينى النفسى تشعرنى بسلام داخلي
هل الفوز بالجوائز العالمية مقياس لشهرة الكاتب ؟
الفوز بالجوائز ليس مقياسا للشهرة فالكاتب هو من يترك أعمالا خالدة يؤثر فى وجدان القارئ، وفى السياق الثقافى ، فقد تأثرت بكتاب ومؤرخون عرب وأجانب في الشعر والتاريخ والأدب أحبهم مثل نجيب محفوظ ، ويحي حقي ، واقرأ الكلاسيكيات لمؤلفين عالميين أمثال ” إيميلي برونتي” و” جاين اوستن” مما جعلني احصد جوائز الدولة للتفوق فى مجمل أعمالي الأدبية ، وجائزة أحسن عمل مترجم في الولايات المتحدة الأمريكية عن رواية ” بائع الفستق” وجائزة سويرس لأحسن عمل فئة الشباب عن رواية ” دكتورة هناء” ، وجائزة نجيب محفوظ للأدب من المجلس الأعلى للثقافة عن رواية ” أولاد الناس ” ثلاثية المماليك ، فالكتابة جزء من تكوينى النفسى تشعرنى بسلام داخلي
انت اول إمرأة روائية تفوزين بجائزة نجيب محفوظ برايك هل النساء تظلمها الجوائز الادبية ؟
النساء مظلومات فى العالم كله ولابد من إثبات جدارة مضاعفه للوصول إلي ما تريده المرأة فى العالم بصور مختلفة ، والجوائز الادبية فيها ذائقة القارئ الناقد التي تتحكم ولى الشرف أنى حصلت على جائزة نجيب محفوظ الأدبية فهو كاتب صادق عبر عن النفس الانسانية بعمقها ونال جائزة نوبل الأدبية