مشاركون بجلسة الشباب العربي : الأولويات الوطنية يجب أن تشكل الوعاء الشامل للوعي السياسي
دبي – ثناء عبد العظيم
أكد المشاركون في جلسة “الشباب العربي والوعي السياسي” ضمن جلسات اليوم الختامي لقمة الإعلام العربي، أهمية أن تشكل الأجندات والأولويات الوطنية الوعاء الحاضن للوعي السياسي لدى الجيل الحالي والأجيال المقبلة من الشباب العربي الذي سيقود المستقبل، لافتين إلى قدرتهم على تحقيق ذلك الوعي، رغم صعوبة التحديات والمعضلات التي يواجهونها والتي يأتي في صدارتها زحام المعلومات في عصر وسائل التواصل الاجتماعي والأيديولوجيات الدينية المتطرفة وآراء النخب التي مازالت تعيش أسيرة للتاريخ والأزمات.
ودعا المتحدثان معالي الدكتور علي راشد النعيمي، رئيس لجنة شؤون الدفاع والداخلية والخارجية في المجلس الوطني الاتحادي، وأحمد المسلماني، رئيس مركز القاهرة للدراسات الاستراتيجية، خلال الجلسة التي أدارها حسين الشيخ من قناة الحدث، الشباب العربي إلى الثقة في الذات وعدم الانغماس في الأزمات، وألا يسمح لأحد باختطاف عقله وفكره تحت شعارات ومسميات مختلفة.
وفي بداية حديثه خلال الجلسة، أشاد معالي الدكتور علي راشد النعيمي بمنتدى الإعلام العربي وما تضمنه من فعاليات متنوعة حققت على مدار سنوات طويلة نجاحات ملموسة ومؤثرة في واقع الإعلام العربي.
وأكد معالي النعيمي إيمانه بقدرات الشباب العربي وكفاءتهم وثقته في قيادتهم للمستقبل، وذلك على الرغم من التحديات التي تواجههم خاصة على صعيد الوعي السياسي، الذي يقع الكثير منهم ضحية لأفكار بعض النماذج العربية التي مازالت تفكر و هي أسيرة للأزمات والتاريخ، ولا يوجد لديها أفق حقيقي يجعلها تفتح آفاق جادة للشباب العربي، وأعرب عن اعتقاده أنه يجب على الشباب العربي تحمل مسؤولياتهم والمبادرة لفتح آفاق لأنفسهم.
وخلال الجلسة، وجه معالي النعيمي العديد من الرسائل المهمة للشباب العربي، والتي كان أولها ألا يغرق في الأزمات فأزمة الأمس ليست هي أزمة اليوم وأزمة اليوم ليست هي أزمة الغد، وأن يتعامل مع أي أزمة كأزمة بعيدة عنه وعن أحلامه وطموحاته وأهدافه، وبعيدة عن الأجندة التي يرسمها الآخرون والتي لا يجب أن يكون جزءا منها.
وقال معاليه إنه بالمقارنة مع المناطق الأخرى في العالم، نجد الوعي لدى شبابها يتحدد عبر الأولويات الوطنية والاجتماعية والتخصصية، بينما يتسع نطاق مفهوم الوعي في بلدانا العربية ليخرج عن إطاره بأن يتشكل بناء على العلم والفهم بكل شيء وفي كل شيء وخاصة عندما يتعلق الأمر بالسياسة أو الدين، لافتاً إلى أهمية أن ينتبه الشباب العربي إلى أن الوعي السياسي هو جزء من منظومة تتعلق بالوعي لذاته وفق أوليات تخدمه ضمن الأطر والأولويات الوطنية، منبها إلى ضرورة الحذر ممن يغدرون بالأوطان.
ودعا معالي علي النعيمي الشباب العربي ألا يسمح لأحد باختطاف عقله وفكره تحت أي شعارات ومسميات مختلفة، وأن يدرك أن العمل السياسي متغير، وأن العمل السياسي الحقيقي غير موجود على قنوات الأخبار وفي الحوارات السياسية على القنوات الفضائية، ولكنه موجود في أروقة أخرى، مشيراً إلى أن الدرس المستفاد الآن من انكشاف ازدواجية المعايير للغرب في عدة قضايا، هو تعبير واضح عن الواقع الحقيقي لطبيعة العمل السياسي الذي يتم في مسارات أخرى.
وتناولت الجلسة دور وسائل التواصل الاجتماعي في نشر الوعي السياسي لدى الشباب، حيث لفت معالي الدكتور علي النعيمي إلى أن الانتشار الواسع لوسائل التواصل الاجتماعي وأنها باتت سمة هذا العصر ويتوقع أن تزداد فعاليتها وتأثيرها مع استخدم أدوات الذكاء الاصطناعي، لكنه أشار إلى التحدي الذي تفرضه هذه الوسائل والمتمثل في كثرة المعلومات الخاطئة التي يتم نشرها عبرها، وأخذ البعض لما يطرح على هذه المنصات بأنها مسلمات أو أخبار دقيقة وصحيحة ويبدأ يعيد تداولها، دون أن يعلم أن أكثر من 70% مما ينشر عبرها غير دقيق وبعضها مغرض.
وفي هذا السياق قال أحمد المسلماني، إن الوعي السياسي في العادة يتشكل عند الأفراد عبر أطراف عديدة بعضها عائلي وبعضها محلي أو إقليمي أو دولي، لكن أزمة هذا الجيل أن هناك زحام في المعلومات وإغراق في المعلومات، فهناك كميات ضخمة من المعلومات والآراء يتم دفعها إلى الشباب وغيرهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي مما يجعل هذا الزحام خطراً في حد ذاته، إذ كيف يمكن أن ينتقي الإنسان الصحيح من بين ما يسمى بـ “أزمة الوفرة المعلوماتية”، والتي هي بالتأكيد وفرة هائلة لكنها غير إيجابية في حجم المعلومات والآراء.
وأشار المسلماني إلى أنه لا يمكن أن يُلام الكُتّاب السياسيون أو الإعلاميون أو النخب بالتقصير في نشر الوعي السياسي، فهناك من أدى ويؤدي ولكن رسالته لا تصل بالقدر الكافي وسط هذا الزحام، فربما يصرخ الشخص وسط ميدان فسيح لكي يسمع الناس رسالته، لكن هذا الصراخ ربما يذهب إلى منطقة “الترند” وهي منطقة في نهاية المطاف غير جادة و مؤقتة.
وقال المسلماني : معضلتنا أننا لسنا كالغرب الذي أسس منظومة التواصل الاجتماعي، لكن في الوقت ذاته لم ينشغل الناس بها عن الكتاب الذي لا يزال رفيق الناس في القطار وعلى الشواطئ والمكتبات، وذلك عكس منطقتنا فالحياة فيها باتت شبه رقمية، فبينما يعيش الانسان العربي حياة ينفعل فيها رقمياً و يرد رقميا، يتلق الشباب في معلومات افتراضية ولكنهم يردون واقعيا.
وأكد أن الأمر أكبر من طاقة الكُتّاب أو النُخب، ويستحق الدراسة العميقة لمعرفة إلى أين نتجه وسط هذه الوفرة الهائلة، وكيف يمكن انتقاء الثمين من الغث، لأن أزمة الوفرة كارثة، والانتقاء أمر صعب، لهذا فإن مهمة الأخلاقيين في هذا العصر، وفي زمن صناعة التفاهة وإعادة انتاج التفاهة هي مهمة تكاد تكون صعبة للغاية.
وأشار المسلماني إلى أنه من بين المعضلات الأخرى العديدة التي تواجه الشباب العربي وغيره فيما يتعلق بمسألة الوعي، هي معضلة الأيدولوجيا الدينية المتطرفة، وكذلك الوضع الاقتصادي غير الجيد وغير المناسب الذي لا يمكن معه خلق وعي سياسي ولا سلوك سياسي لمن لا يملكون قوت يومهم، مؤكداً أن هذه تمثل أزمة حقيقية في العالم اليوم، اذ يعتبر العديد من الشباب في دول تعاني اقتصادياً، الأمن الغذائي والحصول على وظيفة، القيمة الأولى لهم في سلم القيم السياسية.